هكذا يمكن للشرق الأوسط مساعدة مسلمي الصين
بقلم إيلان بيرمان/
يوما بعد يوم تتزايد الأدلة القاطعة: مسلمو الأويغور الصينيون يتعرضون للاعتداء.
على مدى عامين تقريبا، تسربت من شبكة الرقابة الرسمية الصينية الصارمة تفاصيل حول حملة قمع حكومية ضد مسلمي أقلية الأويغور في إقليم شينغيانغ. التقارير تحكي تفاصيل رقابة واسعة الانتشار وقيود على التقاليد الإسلامية واحتجاز جماعي لقرابة مليون مواطن في معسكرات “إعادة التعلم”.
ويقدم تحقيق استقصائي حديث لموقع “ميدوزا” الإخباري الإستوني توثيقا ربما يعد الأشمل والأكثر إدانة حتى الآن، لتلك الحملة ولحجم الإجراءات التي تتخذها الدولة الصينية في قمع ومحو التقاليد والثقافة الإسلامية في إقليمها الغربي.
هذه التقارير دفعت المراقبين إلى طرح سؤالين: ما هدف تكثيف الحملة الصينية في شينغيانغ؟ وما الذي يمكن ـ ويتوجب ـ فعله حيالها؟
يمكن العثور على إجابة السؤال الأول على حد ما في كواليس السياسة الصينية الداخلية. في آب/أغسطس 2016 أصبح شينغيانغ أول إقليم صيني يتبنى رسميا قانون مكافحة الإرهاب الوطني. القانون يؤسس آلية لمكافحة الإرهاب مؤلفة من ثلاثة مستويات، الإقليم والمقاطعة والمدينة. وتسمح تلك الآلية للسلطات بتعطيل الحريات المدنية ومنع التظاهرات وتقييد الأنشطة الجماهيرية ووضع عدد كبير من القيود الأخرى استنادا لاعتبارات الأمن الوطني.
هذه الآلية أتاحت للمسؤولين على المستوى المحلي فرض قيود شديدة على الطقوس الإسلامية في إقليم شيغجيانغ إذ يرون أنها تمثل تحديا أيديولوجيا محتملا للدولة الصينية في الإقليم.
لكن طموحات السياسة الخارجية للصين تلعب دورا كذلك. فمنذ طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ في 2013 “مبادرة الحزام والطريق”، أصبحت تلك المبادرة محورا للسياسة الخارجية الصينية. تقدم المبادرة إطارا ضخما للعلاقات التجارية، وتم تصميمها لجعل الصين لاعبا اقتصاديا واستراتيجيا رئيسيا في جميع أنحاء أوراسيا. لكن المبادرة سيف ذو حدين؛ لأن العبور المتنامي للسلع والأشخاص إلى الصين الذي تتصوره المبادرة يمكن أن يؤدي أيضا إلى استيراد أفكار ومتطرفين ـ وهو أمر تعمل بكين بنشاط على منعه.
ومنذ عامين، عندما زرت آخر مرة المقاطعة، كان من الواضح أن هذه العوامل من المرجح أن تؤدي إلى مزيد من القمع الحكومي لأبناء أقلية الأويغور البالغ عددهم نحو تسعة ملايين تراهم بكين عرضة للتطرف.
لكن الحملة التي تشنها الصين حاليا أكثر اتساعا وشمولا مما كان يمكن توقعه. وهي كذلك أكثر عدائية إذ تتضمن، بين أشياء أخرى كثيرة، حظرا على استخدام الأسماء الإسلامية وقيودا على السفر ومصادرة الأوراق الثبوتية للأويغور والانتهاك الجبري للمحظورات الإسلامية في ما يتعلق بالطعام والشراب. الهدف من كل ذلك، حسب ملاحظة أحد زوار الإقليم مؤخرا، هو الإجبار على التماهي والخضوع بكل السبل اللازمة.
بدأ المجتمع الدولي ينتبه. فالأمم المتحدة بدأت في فحص التقارير حول عمليات الاحتجاز الجماعي للأويغور، وأخذ عدد من الدول خطوة أبعد واحتجت رسميا على سياسات بكين القمعية. ويقال أن الولايات المتحدة الآن تدرس فرض عقوبات ضد الصين على أرضية متعلقة بحقوق الإنسان.
إلا أن دول الشرق الأوسط تظل صامتة وقلقة من أن أية انتقادات لسياسات الصين في شينغيانغ قد تؤثر على علاقاتهم التجارية والاقتصادية المتشعبة مع الصين.
وهذا يمثل سوء تقدير كبيرا. فالصين تعتمد بالفعل على الشرق الأوسط لدفع اقتصادها الآخذ في الاتساع. في 2016 استوردت الصين حوالي خمس وارداتها من النفط من خمسة مصدرين إقليمين (السعودية وإيران والعراق والكويت والإمارات) بكلفة تقدر بأكثر من 18 مليار دولار. وهذه الحاجة سيتزايد، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تضاعف الصين واردات الطاقة من الشرق الأوسط بحلول عام 2035.
كل هذا يعطي دول المنطقة ورقة ضغط مهمة يمكن من خلالها التأثير على السلوك الصيني إذا اختاروا استخدامها، وهو ما يتوجب عليهم فعله.
السلطات الصينية نفت علنا اتساع حملتها في شينغيانغ وهدفها الواضح، ويصر رجل الأمن الصيني القوي غو شينغكون على أن ما تحاول بكين فعله هو ببساطة “إصلاح من خلال التعليم”، وهو ما لا يمكن التأكد منه لأن الصين لم تمنح المجتمع الدولي الفرصة للتحقق مما يحدث بالفعل في شينغيانغ.
الكثير من الدول تحث الصين على أن تسمح بذلك ولكن حلفاء الصين في الشرق الأوسط، من خلال نفوذهم الاقتصادي وروابط الطاقة مع الصين، هم في وضع أمثل لممارسة الضغط في هذه القضية.
إذا فعلت هذه الدول ذلك، فستبعث إشارة قوية لبكين بأن العالم يراقب.