أطفال الأويغور ‘أيتام’ لدى الصين.. أسرهم: نموت كل يوم
أربعة أطفال ينتمون لأقلية الأويغور المسلمة في الصين يعدون أيتاما في نظر حكومة بلادهم، رغم أن الأب والأم لا يزالان على قيد الحياة.
ميربيت وزوجها سافرا إلى تركيا لزيارة والدها المريض، وتركا أطفالهم الأربعة مع جدتهم لأبيهم، لكن سرعان ما تحولت هذه الزيارة إلى كابوس.
علمت الأم عن طريق أحد الأصدقاء أن الجدة احتجزت، وأن أطفالها الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وثمانية أعوام، وضعوا في دار أيتام في إقليم شينجيانغ.
لماذا دور الأيتام؟
تقول تقارير دولية إن حوالي مليون شخص من أبناء هذه الأقلية وغيرها التي تعيش في شينجيانغ وضعوا في معسكرات الاعتقال، دون محاكمة، حيث يجبرون على التخلي عن عقيدتهم وإعلان الولاء للحزب الشيوعي الحاكم.
نتيجة لهذه الاعتقالات، تفرقت العائلات وأصبح هناك عدد لا يحصى من الأطفال بلا آباء.
وتقول وكالة “أسوشييتد برس” التي أجرت مقابلات مع عائلات من هذه الأقلية في تريكا وكازاخستان إن لديها أدلة تشير إلى أن السلطات الصينية وضعت أبناء المعتقلين و”المنفيين” في عشرات من دور الأيتام المنتشرة في الإقليم، في محاولة لإبعادهم عن هويتهم وثقافتهم.
الصين تنفي هذه التهمة، وتقول إن دور الأيتام مخصصة للأطفال المحرومين وتنفي وضع آبائهم في مراكز احتجاز، وتفتخر بأنها تنفق الملايين لإخراج الأطفال من دائرة الفقر والإرهاب.
“هل سيعرفونني إذا التقيت بهم مرة أخرى”؟
ميربيت من السيدات اللاتي فقدن أبنائهن وتحدثن مع “أسوشيتد برس” حول الأزمة، وتتسائل المرأة البالغة من العمر 29 عاما وهي تنظر لصورة مبنى محاط بأسلاك شائكة تعتقد أن فلذات أكبادها محتجزون بداخله: “هل سيعرفونني إذا التقيت بهم مرة أخرى؟”.
ميربيت التي لديها ابن خامس ولد في تركيا هو “نورها الوحيد”، أن أبنائها الأربعة محتجزون في مركز يقع جنوب الإقليم، وأن السلطات سمحت لشقيقة زوجها بزيارتهم واستضافتهم في بيتها ليلة واحدة فقط.
أمام مدخل بوابة المركز الذي يطلق عليه “روضة” بوابة حديدية وأسلاك شائكة. “نحن سعداء ونشعر بالامتنان تجاه الوطن الأم”، تقول واحدة من الكتابات على السياج.
وتقول صحيفة موالية للحكومية إن المركز هو روضة أطفال “مجانية بدوام كامل” توفر أماكن إقامة وملابس لأولئك الذين “لا يستطيع آباؤهم رعايتهم لأسباب متنوعة”.
وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية تشير في تقريرها إلى أن الأطفال بعد وقت قصير من التحاقهم بالمركز يستخدمون لغة الماندرين الصينية للتواصل بدلا من لغة الأويغور.
والتقت الوكالة مع 14 عائلة من أقلية الأويغور يعيشون في تركيا وكازخستان لديهم 56 طفلا يعيشون في الصين.
14 من الأطفال الـ56 وضعوا في دور أيتام تديرها الحكومة وفي مدارس داخلية، ولا يعرف مصير الباقيين، لأن أقاربهم في شينجيانغ قد زج بهم إلى مراكز الاعتقال.
“وددت لو لم أولد”
من بينهم عزيز، شقيق ميربيت (37 عاما) الذي لا يعرف مصير أطفاله الثلاثة منذ اعتقال زوجته في حزيران/يونيو 2017.
فر عزيز منذ حوالي عام إلى تركيا بعد تلقيه مكالمة هاتفية من مركز شرطة محلي بضرورة تسليم نفسه فورا.
وقال في مقابلة مع “أسوشيتد برس” إن نصف جيرانه زج بهم إلى مراكز “التثقيف” أو السجون.
وصل به الإحباط واليأس إلى أن يتمنى “لو لم يولد من أبناء الأويغور ولا في هذا الأقليم”.
عادل دليلكان، الذي يعيش في ألماتي، عاصمة كازخستان، قال إن ابنه عندما كان بعمر خمس سنوات، أجبر على الذهاب إلى مدرسة تديرها الحكومة من الاثنين إلى الجمعة، رغم أن لديه أقارب يمكنه البقاء معهم.
تم نقل الابن إلى مدرسة داخلية بعمر تسع سنوات، وكان يعود للأسرة خلال عطلات نهاية الأسبوع والأعياد فقط.
ديلنور (35 عاما) طالبة تعيش في اسطنبول، قالت إن المسؤولين يزورون حضانة طفلتها بانتظام، ويسألون الأطفال عما إذا كان آباؤهم يقرأون نصوصا دينية في المنزل أو يقومون بأية أنشطة دينية.
تقرير: الصين ستراقب حجاجها بأجهزة تعقب
أما عن تبعات تلك الأسئلة، تقول ديلنور إن السلطات الصينية اعتقلت رجلا لأن حفيده أبلغ المعلمين أن جده زار مكة.
“نحن نموت كل يوم”
عبد الرحيم أمين (42 عاما) الذي يعيش في اسطنبول منذ عام 2014 لديه أربعة أبناء، اثنان منهم قضيا في حادث، ولا يعرف أين يعيش الآخران.
لديه أيضا ابنة عمرها 14 عاما أجبرت على الالتحاق بمدرسة ثنائية اللغة في 2015. في المدرسة التي زارها مراسلو الوكالة مكتوب على أحد الجدران: “يرجى التحدث بلغة الماندرين عند دخول ساحة المدرسة”.
لا يرغب الرجل في الاحتفاظ بصور ابنته التي ترسل إليه حتى لا يتألم أكثر. وقال: “نحن نموت كل يوم … لا يمكننا رؤية أطفالنا، لا يمكننا رؤية والدينا. هذا تعذيب أبدي”.
أرقام
تشير وثائق شراء اطلعت عليها وكالة أسوشييتد برس إلى أن الصين، منذ بداية العام الماضي خصصت أكثر من 30 مليون دولار (200 مليون يوان) لبناء وتوسيع 45 دور أيتام على الأقل، مع توفير الأسرة اللازمة لتكفي حاجة خمسة آلاف طفل.
هذه الدور يطلق عليها في الصين “مراكز رعاية” و”مراكز حماية”.
لجنة أممية: الصين تحتجز مليون مسلم على الأقل
في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين، طرحت الحكومة عطاءات لبناء ما لا يقل عن تسعة مراكز “لحماية الأطفال المحرومين” في مدينة هوتان في شينجيانغ والعديد من المناطق التي تسكنها في المقام الأول أقليات عرقية.
تمول الحكومة أيضا رياض الأطفال ومدارس أخرى حيث يتم إيواء بعض أطفال محتجزي الأويغور.
وحسب الحكومة، فإنه تم بناء أو تجديد أكثر من 4300 روضة أطفال ثنائية اللغة العام الماضي.
وتقول الحكومة إن جميع الطلاب الذين يبلغ عددهم 2.9 مليون طالب في المرحلة الابتدائية والإعدادية الإلزامية في شينجيانغ سيتعلمون لغة الماندرين بحلول هذا الشهر، بزيادة 39 في المئة عن عام 2016.