تونيوقوق

كانت لي خالة في البلد (تركستان الشرقية)، هي موظفة في المستشفى، لقد مرت بها خمس عشرة سنة تؤدي صلاتها الخمس بدعوة زوجتي إياها، ولا يزال بينهما تواصل سرّي إلى الآن، تواصلتا اليوم لحالة طوارئ عبر مكالمة الفيديو، ورأتها زوجتي تبيضّ وتتفطر شفتاها وسألت عن السبب، فأعلمتها بإيماء أنها صائمة.

وكونها تظلّ صائمةً وهي موظفة تعمل في المستشفى، تواصل صلواتها سرية، وحتى تسرّ بها عن حفيدها أيضا في المنزل، حظراً من أن يفشي الصغير صلاتها السريّة دون وعي؛ وقعنا في الحرج الآسي والخجل عندما سمعنا هذا الواقع.

قد كنت أفكر هل يعرف أبناء وطننا (تركستان الشرقية) توقيت رمضان (توقيت الإفطار والسحور) في المأزق الحالي ؟، وهل يستطيع أحد يصوم ؟، فاستغربت صيام عجوزة كخالتي المسكينة التي حالتها الصحية غير جيدة وظروفها صعبة؛ فتعجبت بها، وتولدت لدي آمال كبيرة لمستقبل بلادنا تركستان الشرقية وشعبنا المسكين، وقد أعجبت بشجاعته واستغربت من هذا الصمود فائق العقل.

لقد كان حطّمَتْ هذه السنواتُ الثلاثُ الكثيرَ من أحلامي وأطفأت شموع الأمل. قد زادت اليأس في قلبي متآسياً بهذه التساؤلات: “ألا يأتي إلينا فرج الله، ومتى نصره تعالى ؟”، وأضعفَت عزيمتي كثيرًا.

ومع أنه كانت خالتي قليلة المعلومات في الدين، ولا تقرأ الكثير من الكتب الدينية، وتحظر بنتها من ارتداء الحجاب، تخاف من السياسة بشدة، تلبس كسيدات الموضة عندما تخرج من المنزل، وتلبس متحشمة في داخله.

أخجلني كلامها كثيرا صباح اليوم، وجعلني متفائلا جداً. وأنا أؤمن بأن خالتي ليست لوحدها في تركستان الشرقية الجريحة، بل هناك آلاف سيدات، أخوات وأمهات تنالون ثواب الله تعالى أضعاف الأضعاف بالنسبة لنا. أحيائهن في ميادين المعركة وأجسادهن في الجنات !.

تنويه!

إذا وقد استمرّ هناك من يصلي ويصوم وحتى يؤدي صلواته إيماءا في السجون والمعسكرات رغم حملات التصيين الفاشية وجبر الإلحاد وإنكار القيم، والضربة القاسية على ظهر الشعب الأويغور المسلم، والمراقبة الحديدية والعقاب الإضافية الجسدية والروحية منذ الأعوام الأربع المظلمة؛ ففي هذا الشعب آمال، نعم فيهم آمال ونجاة ونجاح البتة!.

 إذا استمر شعبنا العزيز صادقاً في إيمانه وعباداته وصامداً كهكذا، في حين يتعرض فيه لسوء المعاملة بأسوأ طريقة ممكنة وبأخس الأساليب التعذيبية، جسدياً وروحياً من قبل الصينيين هم أخس وأنذل من مشركي العرب أكثر بألف مرات؛ فهذا الشعب الصامد المصابر يستحق النجاة والنجاح ولهم فوز الدنيا والآخرة !.

أللهم احم واحفظ القابضين الجمر كحفظك إبراهيم عليه السلام من حرق النيران !.

ترجمة: محمدأمين الأويغوري

2020- مايو 8 /الموافق/ 1441  رمضان15.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *